the king عضو فعال
المساهمات : 282 تاريخ التسجيل : 19/09/2009
| موضوع: تاريخ نشأة الرهبنة القبطية فى مصر الإثنين سبتمبر 21, 2009 11:24 am | |
| أتفق عامة الكتاب فى تاريخ الرهبنة على أصول الرهبنة المسيحية ظهرت لأول مرة فى تاريخ فى تاريخ مصر المسيحية خلال القرون الأولى من إنتشار هذه الديانة فى العالم المتمدين ، حيث إنه قد ظهر من الكشوف البردية القبطية الحديثة و غيرها إن الناس أخذوا بقواعد هذه الديانة بأعداد هائلة فى أواخر القرن الأول و أوائل القرن الثانى الميلادى ولا غرابة فى تهافتهم على أعتناق تلك الديانة و إتباع بعضهم هذه النظم الرهبانية فى هذا العصر السحيق ، إذكانت أذهانهم و أفكارهم وما ورثوه من التقاليد و الأراء حتى العصر الوثنى المتأخر أساسا لتفهم معنى الديانة الجديدة واستغاسة تعليمها و الإقبال عليها بشكل لم يتوفر لسكان الأقطار الأخرى من المسكونة ، و بالرغم من قلة الوثائق و الأصول عن العصر المسيحى العتيق إذا قيس بما كتب فى ذلك خلال القرنين الرابع و الخامس الميلادى ، نجد بعض الأمثلة لوجود التعاليم الرهبانية فى القرن الثانى و نذكر فيما يلى مثالين شهيرين : 1: أنه فى عهد الأمبراطور أنطونيوس بيوس ( 138 م : 161 م ) نسمع عن شخص يدعى فرونتونيوس يرحل إلى برية نتريا ( وادى النطرون ) وفى صحبته 70 رجلا مسيحيون ليعيشوا عيشة الرهبان الزاهدين فى الحياة الدنيا و راغبين فى التقشف و العزلة كما يظهر ذلك فى حياة القديسين ، ويعلق العلامة والس على ذلك بأن تلك الحملة الرهبانية المنظمة لم تكن بطبيعة الحال إلا واحدة من حملات متعددة كانت تحدث تباعا دون أن تسجلها الكتب المعاصرة و أغلب الظن أن ذلك راجع لحدوثها فى الخفاء ، لأن الديانة الجديدة كانت تحض الزهاد والمعتزلين أو الرهبان على الأحتفاظ بأعمالهم سرا مكنونا لا يعلمه إلا فاجص القلوب . 2: المثال الثانى وهو أصدق دليلا هو حياة القديس بولا أول السواح . و من الملاحظ أن العوامل التى ساعدت على أنتشار هذه الحركات الفردية هى سوء أحوال مصر الأقتصادية و السياسية منذ أواخر القرن الثانى الميلادى و أوائل القرن الثالث الميلادى التى كانت كافية للأدراك ما عانته المسيحية من إضطه8اد الأباطرة الرومانيين لها ، ففى سنة 215 م أمر ا"لأمبراطور كراكلا بإدام عدد كبير من المسيحين فى الأسكندرية و تكررت هذه التجربة الوحشية فى عهود الكثير من الأباطرة ، على أن أشهر نوبات الأضطهاد كانت فى عهد الأمبراطور دقلديانوس ( 284 م : 305 م ) ، و جايريوس ( 305 م : 311 م ) ، و مكسميانوس الذى حكم ( 305 م : 313 م ) ، وبسب كل هذه الأضطهادات أجتهد المسيحيون اللذين أختاروا البقاء على دينهم أن يختفوا بعيدا عن عنف القوانين الرومانية الجديدة و كانت الصحروات المصرية الفسيحة خير مكان لهؤلاء المسيحين ، و ظلوا على هذا الحال حتى أصدر الأمبراطور قسطنطين الكبير مرسوم التسامح الدينى من ميلان عام 313 م و بهذا المرسوم أصبحت الديانة المسيحية لأول مرة فى تاريخها ديانة مسموحا بها ، و لم يعد المسيحيون بحاجة إلى الإختفاء و العزلة فى الصحراء ، غير أن عوامل أخرى دفعت الكثير من المسيحيين إلى البقاء فى عزلتهم ، بعض هذه العوامل دينية نتيجة رغبتهم فى الحياة مع الرب و إخلاصهم للخالق و رغبتهم فى إماتة الشهوات الجسدية ، و تغليب النواحى اغلروحية عليها حتى صار لها أثر كبير فى بقائهم و هذا فضلا عما تمتع به المسيحيون فى الصحراء من الأمن الجسدى و الروحى الذين فقدوه فى داخل البلاد ، بسبب الأضطرابات الناشئة عن إغارات قوات البالميرين و البلميز فى عهد الأمبراطور كلوديوس الثانى ( 268 م : 270 م ) . والعوامل ا"لأخرى التى أدت إلى أستقرار المسيحين فى الصحراء هى سوء الحالة الأقتصادية فى مصر منذ أوائل القرن الرابع الميلادى ، حيث لم يكن هناك قوانين منتظمة فى القرى أو فى المدن المصرية ، و أصبحت الضرائب عبئا ثقيلا على الشعب المصرى ، و زاده ثقلا قسوة جامعيها الذين كانوا يختارون من وجهاء المدن ، أو بالمناطق الأخرى باأمبراطورية ، حتى أن عددا كبيرا من صغار المزارعين تنازلوا بسببهم عن أراضيهم لكبار الملاك من الأجانب ، و فضلوا ترك بيوتهم و أراضيهم و أولادهم ، ليحيوا حياة الرهبنة التى توفر لهم الأمن رغم ما فيها من عيش على الكفاف و أستمرت هذه الحالة مدة طويلة حتى أيام النزاع بين الأثناسيوسيين و الأريوسيين و هذا النزاع أدى إلى تعكير صفو السلام الكنسى ، مما جعل الكثيرين من المسيحيين يعتقدون بقرب إنتهاء العالم ، فأسرعوا الآفا مؤلفة إلى الصحارى تاركين ورائهم ه8ذه الخلافات ، وإذدات مجموعة العوامل السابقة إلى قيام حركة الرهبنة و إنتشارها فإن ما أضيف إلى هذه العوامل فيما بعد ساعد على إنتعاشها و مثال ذلكل أن قانونا أصدره قسطنطين الكبير وهى إعفاء العذاب و من لا أولاد له من الضرائب ، كما أعفى الرهبان من الخدمة العسكرية ، فأغرى هذا الكثير إلى الأمتناع عن الزواج و الذهاب إلى الأديرة حتى يبعدوا عن المشاكل الدنيوية . و الخلاصة أنه مهما تعددت الأسباب التى أدت إلى قيام الحركة الرهبانية فى مصر فإنها قامت أولا على التعاليم و المبادئ التى نادى بها السيد المسيح و الرسل الحواريين و فسرها مفسروا الأنجيل ، ولكن لم يكن قيام الرهبنة و إنتشارهارها على الدوافع الدينية فقط ، بل تدخلت فى ذلك دوافع أخرى تتعلق بالأحداث السياسية و الأقتصادية فى مصر منذ القرن الثالث الميلادى ، و هذه الأحداث هى التى أسهمت كثيرا فى أنتشار الحركة الرهبانية ، كما أن الحياة النسكية فى مصر القديمة ( خلال العصر الوثنى ) أثرت فى الرهبنة المسيحي\ة من غير أن تكون أصلا من أصولها ، لأن أكثر النساك الأقدامين لم يفضلوا حياة البتولية ، كما أن الحماس الدينى لمخ يتوفر لديهم بالقدر الذى توفر للرهبان المسيحيين الأوائل ، و من الشواهد الدالة على العلاقة بين الحياة النسكية المسيحية و أنواع النسك المصرى القديم هم جماعات المتصوفة الذين عاشوا على ضفاف النيل فى صعيد مصر ، و جماعة كهنة هليوبوليس الذين عاشوا على الكفاف ، و حاولوا أن يرتفعوا بعواطفهم إلى أعلى مراتب التدين .
| |
|